(ترجمة لمقال نشرته المبشرة
Mrs. Paul W. Harrison في نشرة Neglected Arabia التابعة للإرسالية التبشيرية - تاريخ نشره ما بين شهري أكتوبر وديسمبر من عام 1918م)
في أواخر شهر أكتوبر (1336هـ / 1917م) شاهدت من نافذة سكني عدداً من الأعلام تعلوا أسقف بعض منازل قرية فارسية تقع بالقرب من الإرسالية. كان هذا مشهدًا جديداً بالنسبة لي، دعاني للتساؤل. بدا أن لكل منزل علمان، أحدهما أسود والآخر أحمر وأبيض وأخضر، وكان هناك إشارة على هذا الأخير. عند الاستفسار، علمت أن هذه الاستعدادات كانت بمناسبة احتفال محرم الذي تحتفل به طائفة المسلمين الشيعة في ذكرى وفاة الحسين، أحد أبطالهم الدينيين، وهو حفيد (النبي) محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
قُتل الحسين في كربلاء في العاشر من محرم (الشهر الأول في التقويم الإسلامي). يحتفى بوفاته المأساوية بطرق مختلفة، أينما وجدت طائفة المسلمين الشيعة. في البحرين العام الماضي احتفالات بارزة وواضحة، حيث كان كل شيعي ملتزم يرتدي ملابس سوداء طوال شهر محرم، وقد زين منزله بعلم أسود، علامة الحداد. ونظرًا لأن العدد الأكبر من المسلمين الشيعة في هذه البلدة هم من الفرس، كان العلم الفارسي الأحمر والأبيض والأخضر مؤشراً على ذلك.
كان المسجد (المأتم) الشيعي مكسو باللون الأسود. في البيوت في جميع أنحاء المدينة، عُقد عدد غير عادي من القراءات، وكان موضوعها معاناة ووفاة الحسين. في هذه القراءات، تضرب النساء صدورهن ويبحن ويبكين دموعًا حقيقية على وفاة حبيبهم الحسين.
في اليوم التاسع من الشهر، تم حمل نعش مغطى بقماش ملون في الشوارع على أكتاف أربعة رجال، تلاه عدد من الرجال والنساء يضربون صدورهم وينتحبون في ذكرى ابن أخ الحسين الذي قتل في ذلك اليوم.
ذروة هذه المظاهر الدينية تكون في يوم "العاشر”.. في صباح هذا اليوم، تم تنظيم مراسيم منظمة جيداً شارك فيها المتشددون الدينيون، الراغبون في الحصول على مكافأة في العالم الآخر.
في البداية جاء حاملو البيارق يحملون أعلامًا سوداء شعاراً للحداد بالإضافة للأعلام الفارسية. بعد ذلك كانت هناك مجموعتان تتألف كل منهما من حوالي عشرين رجلًا، يلوحون بالسيوف في الهواء ويضربون بها على جباههم أحيانًا ويهتفون بنبرة حزينة “يا حسين! يا حسين!” يلبس هؤلاء الرجال ثياباً بيضاء لعرض الدم المتدفق من جروحهم بأفضل صورة.
يتكون الموكب من رجال وصبيان يمثلون مختلف أقارب الحسين الذين تم أسرهم، والذين قُتل بعضهم. يتقدم هذه الفرقة جملان، أحدهما يحمل ابن وابنة الحسين والآخر يحمل أخته.
بعد ذلك، يأتي اثنان من الفرسان يمثلان قتلة الحسين، يرافقهم عشرة أو خمسة عشر رجلاً سيراً على الأقدام، وجميعهم كانوا يلوحون بالعصي والسيوف التي حملوها عن كثب على حصان ثالث، في محاولة لقتل راكبها، الذي كان شقيق الحسين.
وبعد ذلك جاء حصان رابع ركب عليه ابن الحسين، الذي مات من جرح ناجم عن سيف لا يزال ملتصقا برأسه، وقد صممت له خوذة ببراعة بحيث أعطت مظهرًا دقيقًا لسيف من خلال الرأس.
ثم تبعها أربعة رجال يحملون على أكتافهم نعش من المفترض أن يحتوي على جثة صهر الحسين ومن ثم نعش أصغر كان عليه ابن الحسين، وبعده كان نعش ابن أخ الحسين. النعشان الأول والثاني يكسوهما قماش ملون زاهي ومرايا صغيرة، أما الثالث فكان يكسوه قماش أسود.
الأهم من ذلك كله هو نعش الحسين الذي لف باللون الأبيض وأُجلست عليه حمامة بيضاء نقية، ولجعل قطع رأس البطل المحبوب أكثر واقعية، وضع تشبيه لرجل على نعش ورأسه بعيدًا عن الأنظار وقد تم رش دم طري من حيوان ذبح من أجل جعل المنظر أكثر بشاعة.
كانت نهاية المسيرة مؤلفة من مجموعتين في كل منهما حوالي خمسة وعشرين رجلاً، عاريا من الخصر إلى الأعلى، ويضربون على صدورهم بأيديهم بقوة ويصيحون ويبكون باستمرار. "يا حسين! يا حسين!"
عندما انتهى العرض، تم تكريم المشاركين بأسلوب ملكي، حيث تم توزيع الأموال التي أوقفها الذين توفوا لهذا الغرض.
https://www.instagram.com/p/BwgUrYBgxYk/?utm_source=ig_share_sheet&igshid=1g6f7id7gqau8
من صفحة السيد ياسر رجب
No comments:
Post a Comment